فيلم Talaash الحقيقة تختبئ حيث لا نتوقعها

بقلم: جمال الدين بوزيان
يشترك فيلم Talaash مع أفلام هندية أخرى في العنوان، خاصة أفلام بوليودية، لكنه يختلف عنهم تماماً في القصة وفي كل شيء، عنوانه الكامل هو: Talaash: The Answer Lies Within ، هو فيلم غير نمطي، وليس بالغريب أن يكون غير نمطي، فبطله عامر خان أصبح مؤخراً شديد الانتقائية والتدقيق في اختياراته، وهو من أكثر نجوم الهند نجاحاً و موهبة.
راني موخرجي، أيضاً بدور البطولة المساعدة (زوجة البطل) عامر خان، كانت مميزة جداً، رغم أن مساحة دورها لم تكن كبيرة، لكن راني أكثر بنات جيلها موهبة، وقدراتها كانت يمكنها أن تصل بها لهوليود لولا اختلاف معادلات النجاح بين البلدين، واختلاف الوسطين الفنيين في بوليود وهوليود، وصورة النجمة أو الممثلة الجميلة مختلفة من بلد لآخر.
دور مميز آخر، تم إسناده لكارينا كابور، بطلة الفيلم، التي تلعب دور مومس تم قتلها من طرف مجموعة شباب من أبناء المسؤولين والطبقة الغنية، و تم دفنها دون إخبار أحد، فتبقى روحها عالقة، و تطارد الشرطي (عامر خان) للوصول لحل القضية المعقدة التي من الصعب حلها، بحكم تورط أبناء المسؤولين فيها، والضحية هي مومس من عامة الشعب.
الفيلم يدخل ضمن أفلام الجريمة التي تتضمن حبكة غريبة وغموض، ومفاجآت غير متوقعة في القصة، وتفاصيل غرائبية وميتافيزيقية، وضغط نفسي على شخصيات القصة والمشاهد نفسه.
دور المومس ليس بجديد على كارينا كابور، هي تجيد لعبه جيداً، حيث مثلته في بداياتها في فيلم "شاميلي" سنة 2003، و مثلته في بعض المشاهد من فيلمها المعروف Heroine المنتج سنة 2012، و هي نفس سنة إنتاج فيلم Talaash، و الذي كانت فيه شخصية المومس مختلفة عن دوريها السابقين.
كارينا ممثلة ولدت نجمة، مدعومة جداً رغم قلة موهبتها، فهي حفيدة راج كابور، رائد السينما الهندية، طورت من قدراتها التمثيلية تدريجياً، و لم تحصر نفسها في أدوار الرومانسية أو الفتاة الدلوعة أو اللعوب، وحتى أدوار المومس التي لعبتها لم يكن فيها ابتذال أو إغراء وعري كثير، خاصة في هذا الفيلم، حيث تلعب دور روح ضائعة تبحث عن الراحة الأبدية، لذلك الابتذال في الشخصية كثيراً، كان سوف يبعد تعاطف الجمهور معها، لأنها الضحية في الفيلم، وتبحث عن القصاص والعدل عبر الشرطي بطل الفيلم.
من يشاهد الفيلم أول مرة، سوف يعتقد طيلة الـ 139 دقيقة التي هي مدة الفيلم أن كارينا تلعب دور شخصية حية على أرض الواقع، في الآخير الصدمة الكبيرة للمشاهد لما يكتشف بأنها كانت روحاً ضائعة غير مرئية للجميع بإستثناء البطل.
المخرجة كانت ذكية في توزيع الأدوار، حيث أن راني موخرجي قادرة على تمثيل كل أنواع الأدوار، فأسند لها دور الزوجة والأم التي فقدت ابنها وتؤمن بتواصل روحه مع جارتها العرافة، بينما زوجها الشرطي يعتقدها مريضة ومهووسة، لدى راني أيضاً دور ناجح جدا كمومس في فيلم Laaga Chunari Mein Daag، لكن كارينا كانت هي الأنسب لهذا الدور في فيلم طالاش، حيث لا يمكن توقع العكس، أن كارينا هي الزوجة و راني هي المومس، فقدرات راني التمثيلية تتخطى كثيراً ما وصلت إليه كارينا رغم تطورها.
بينما يمكن اعتبار هذا الفيلم من أهم الأفلام التي لفتت الانتباه للممثلين Rajkummar Rao و Nawazuddin Siddiqui ، وأثبتا نفسيهما كمواهب حقيقية في بوليود، رغم بشرتهما الداكنة وجمالهما المتواضع، مما يرشحهما للبقاء في الأدوار الثانوية فقط او الانتقال لسينمات الجنوب الهندي، لكن، ما حصل، أنهما الآن من النجوم المعروفين في بوليود، ونواز الدين صيديقي يمكن حتى أن يكون خليفة الراحل عرفان خان في هوليود لما يتمتع به من موهبة، وشكله الهندي الأسمر النمطي المساعد جدا على قبوله لدى صناع السينما في الغرب.
أغاني الفيلم لم تكن عبارة عن استعراضات دخيلة على القصة، بل تم إدماجها كخلفية صوتية للأحداث، مثلما أصبح يعمل الكثير من المخرجين الهنود مع نوعية الأفلام التي لا تتطلب استعراضات بالطريقة النمطية المعروفة في بوليود، حيث أصبحت الاستعراضات النمطية متواجدة أكثر في الأفلام الرومانسية أو الكوميدية، بينما يتفاداها كثير من المخرجين في الأفلام البوليسية و الدرامية و الملحمية، أو أفلام الرعب، بعضهم يلغيها تماماً، وبعضهم يدمجها في القصة لتكون لها ضرورة درامية مقنعة لوجودها.
لذلك، يمكن اعتبار مخرجة الفيلم Reema Kagti ذكية وموفقة في محاولتها لعمل فيلم متكامل من حيث كل عناصره رغم قلة أعمالها السينمائية، وحتى أنها شاركت في كتابة القصة والسيناريو رفقة كتاب آخرين، بينما الإنتاج كان مشتركاً بين العديد من الأشخاص والشركات، من بينهما الممثل عامر خان نفسه والممثل فرحان أختر، والفيلم نجح جماهيرياً، مادياً، ومن الناحية النقدية أيضاً.
المقال نشر بجريدة التيار السودانية/ العدد: 6244
Comments