فيلم Boomika الطبيعة تصلح أخطاءنا

بقلم: جمال الدين بوزيان
ربما المشاهد غير المتابع، يعتبر أفلام الرعب أمراً جديداً ودخيلاً على السينما الهندية، بينما في الواقع هي مواضيع تم التطرق لها في السينمات الهندية بكل أنواعها منذ الأربعينات، لكن بشكل متقطع وغير مستمر، وتنوعت أفلام الرعب في بوليود وسينمات الجنوب في الأول، بين ما يشبه الرعب مخلوط بتوابل المسالا (فيها غناء وقصص حب وأكشن واستعراض)، واستقرت مؤخراً على شكلها المعروف حالياً، كأفلام رعب مثل التي نراها في الأفلام الأجنبية، لكن لديها خصوصيتها الهندية، ولو كانت خصوصية بعيدة عن الاستعراضات والغناء، بل هي خصوصية لديها علاقة أكثر بالتراث الهندي، وقصص الهند المخيفة ومعتقداتهم المتناقضة، و أساطيرهم التي لا تنتهي.
اسم بوميكا في الهند معناه الأرض، وهو اسم علم مؤنث، خاص بالفتيات الهندوسيات، كما أنه اسم لديه علاقة بعلم الفلك التقليدي الهندي، وترتبط به بعض المعتقدات و الأفكار القديمة، المتعلقة خاصة بالأرض والبيئة والطبيعة.
لذلك، كان هو أحسن عنوان لقصة فيلم الرعب والخيال التاميلي هذا، المنتج سنة 2021، والذي تم إخراجه من قبل Rathindran R. Prasad، ولعبت فيه دور البطولة نجمة تاميلية من الجيل الشاب، اسمها Aishwarya Rajesh، وهي ممثلة تشبه كثيراً نجمة بوليود كاجول، وقد بدأت في السنوات الأخيرة تحظى بأدوار بطولة لافتة، مقارنة ببدايتها، كانت البطولة في هذا الفيلم مشتركة بينها وبين عدد من الممثلين والممثلات، أغلبهم نجوم جدد في عالم سينما التامل، أو أصحاب الأدوار المساعدة، و هو الأنسب في الغالب في أفلام الرعب العالمية، التي تتطلب الكثير من الضحايا من بين شخصيات القصة، أو عدد معتبر من الممثلين.
مع متابعة أحداث الفيلم، نجد تحولا في القصة، وتصبح الطفلة بوميكا ذات الـ 15 ربيعاً، هي بطلة الفيلم، حيث يعود بنا المخرج لماضي المنزل المهجور الذي كان مدرسة سابقاً، تسكن بها طفلة مصابة بالتوحد اسمها بوميكا، هي رمز مباشر وصريح للأرض وللطبيعة التي تدافع عن نفسها ضد أي تغيير مضر بها، وتتوفى بسبب دفاعها عن شجرة كبيرة بدأ عمال البناء في قطعها لإنشاء مشروعهم، هو نفس المشروع الذي تسبب فيما بعد في وقوع عدة وفيات في ظروف غامضة لأغلب المشاركين في ذلك الاستثمار، و بسبب هذه الأحداث أصبحت المدرسة و القرية مهجروتان لمدة 10 سنوات.
هو فيلم صديق للبيئة بامتياز، قصته تشبه الكثير من أفلام الرعب والخيال في الهند وفي العالم، حيث تتواصل روح فتاة متوفية مع مهندس معماري وعائلته وفريق عمله، لإبعادهم عن تنفيذ مشروعهم المضر بالبيئة.
الفيلم ليس مخيفاً كثيراً بقدر ما فيه من التشويق، مثل أغلب الأفلام الشبيهة به، بطلته طبيبة نفسانية ابنها مصاب بتأخر النطق و يعاني من الانسحاب الاجتماعي، بينما بوميكا (الطفلة العائدة من الموت) كانت مصابة بالتوحد وتعشق رسم الطبيعة والأشجار ومتعلقة جداً بالأرض، و هي التي تساعد الطفل في آخر الفيلم على الشفاء والنطق.
شخصية حارس المنزل أيضاً كانت مؤثرة جداً في القصة، ومدروسة جيداً، طريقة كلامه، وجلوسه وتصرفاته، ابن بيئة تاميلية ريفية فقيرة، ليس من نفس طبقة أبطال الفيلم.
بوميكا، هو من الأفلام التي تسمى فيلم الليلة الواحدة، حيث تدور أحداثه الرئيسية تقريباً في ليلة واحدة، في منزل مهجور وسط غابات التاميل الطبيعية، وغلب الظلام على كثير من المشاهد وانقطاع الكهرباء، والنور الخافت في كثير من الأحيان.
الفيلم خال من الأغاني، لكنه احتوى على القليل من الموسيقى التصويرية المناسبة جداً لنوعية القصة وأحداثها، تتر النهاية فقط ترافقه أغنية هادئة، تم تأليف الموسيقى من طرف Prithvi Chandrasekhar، أما القصة فقد كتبها المخرج نفسه.
المقال نشر بجريدة التيار السودانية/ العدد: 6287
Komentar