top of page
Crystal Salt

مستقبل مهنة مدير التصوير اليوم والتجربة مع عمر أميرلاي .... حوار مع حنا ورد (2)

صورة الكاتب: muhamad zarzourmuhamad zarzour

تاريخ التحديث: ١٠ يناير ٢٠٢٣

في الجزء الثاني من الحوار مع مدير التصوير السينمائي السوري حنا ورد يحدثنا عن تجربته مع الانتاجات الاوروبية وتجربته مع الراحل عمر أميرالاي و مستقبل مهنة مدير التصوير اليوم.







وهل برأيكم أصبحت مهمة مدير التصوير، والاضاءة أسهل اليوم في ظل التطور التكنولوجي الذي نعيشه، وخاصة مع الكاميرات الرقمية المتطورة؟

حنا ورد: برأييّ، السؤال أبسط من ذلك، أولاً: التلفزيونات التي بدأت تعمل مسلسلات، نفذّت الإضاءة عن طريق أشخاص هم نفس أولئك الذين كانوا يعملون في الاستديو، فهؤلاء، بشكلٍ عام، يحبون أن يعملوا إضاءة فلات، لم يتعلموا، هناك اثنان فقط، سمير سمارة رحمه الله، ومحمد الرواس كان يعمل عملاً جميلاً جداً في الإضاءة.

وهذا خطأ؛ لأنه لا يوجد هناك شيء اسمه إضاءة تلفزيونية، وإضاءة سينمائية، ما يختلف هو الدراما، تستطيع أن تقول دراما تلفزيونية، ودراما سينمائية، لكن، لا تستطيع أن تقول إضاءة سينمائية، وإضاءة تلفزيونية للمسلسلات، المصريون يعملون إضاءة سينمائية على أعلى مستوى، السوفييت، أو الروس أيضاً قدموا إضاءة رائعة، المسلسلات الأوروبية، أو الأميركية أيضاً إضاءة رائعة، أريد أن أسألك ماذا يختلف "دالاس" عن فيلم سينمائي من حيث الصورة، هل تختلف؟

وكان يُصور 35 مللي، مسلسل "بطرس الكبير" الذي تصور في روسيا في 1984 صُور 35 مللي سينما، ولم يصور فيديو، وكان مدير تصويره فيكتوروس سورارو، الفكرة هنا أن الخطأ خطأ، والصحيح صحيح، لا يوجد ما اسمه إضاءة سينمائية، وإضاءة تلفزيونية.

اليوم أصبحتَ تشاهد برامج بالتلفزيونات الأوروبية، وعندما ترى الإضاءة، تقول: ما هذا الفيلم السينمائي، وليس ذلك فقط، في أمريكا هناك الأليكسا، وهي كاميرا سينمائية إلكترونية، دخلت إلى الاستوديوهات مع عدساتها السينمائية، إذا كانت عدسة السينما الزووم سعرها تقريباً 25 ألف دولار، فعدسة الزووم السينمائية التي تستخدمها الأليكسا سعرها من 60 إلى 70 ألف دولار، وما فوق، والكاميرا الأليكسا أغلى من الكاميرا التلفزيونية العادية، لأنها full frame.


فأمريكا تريد صورة جيدة، لذلك، أنا ضد أن نقول إضاءة سينمائية، لقد أدخلت الإضاءة السينمائية إلى المسلسلات، من هم قبلي هذه هي إمكاناتهم، لا أستطيع أن ألومهم، علاقتي جيدة مع كل شعبة الإضاءة في التلفزيون السوري، وخاصة القدامى، أول من هنأني بفيلم "وقائع العام المقبل" هو سمير سمارة رحمه الله، لقد دعوته، وحضر الفيلم، فقد ساعدني في بعض الأمور التقنية في تحضيرات الفيلم، لقد دعوت الجميع في الافتتاح، وأساعد اليوم في تطوير الصورة التلفزيونية، ورأيت المحاضرات التي قدمتها البارحة، وأول البارحة، وطالبت برفع تأهيل هؤلاء الأشخاص، أشك أن هناك يوجد شخص في التلفزيون السوري، أو المصري، أو الأردني، أو الليبي يستطيع أن يستخدم الأجهزة التي ذكرتها بنسبة أكثر من 30 بالمئة من إمكاناتها.

يجب أن تعرف نظرية الألوان، نحن معتادون أن نحضر فلتر، ونضعه، وهنا كل الفلترات موجودة، هل رأيت فيلم " Orbiter 9" عندما تطفئ الشمعة، هذه ليست مجرد دعابة، أتوماتيكياً تعطيك الإضاءة، لأن حساس الكاميرا يرى الشمعة، هل انتبهت إلى ذلك، هناك تطور مرعب، إضافة إلى ذلك, تخيل بجهاز تابلت Ipad تستطيع أن تقود خمسمئة بروجكتور، لاحظ أنني في هذا الأستوديو الصغير الذي لا يعيره أي شخص اهتماماً، عملت اثنا عشر تصميم إضاءة، هل رأيت كيف تتغير الأزرار، هل هذا الأمر مجرد دعابة؟

بالمناسبة، هذه الأجهزة تكلف أقل، فتستطيع من خلالها, أن تظهر الأخبار في الخلفية، استانبول، أو آيا صوفيا أو باريس أو أي مدينة أخرى تختارها ومتوفرة لديك صورتها, فالأمور أصبحت أسهل حيث كنا في بدايات عملنا، نخرج إلى التصوير ومعنا 30 كيلو إضاءة، الآن 3 كيلو إضاءة تكفيك، نحن دائماً نركض وراء التكنولوجيا لخدمة أفكارنا.

كما أن تحويل السينما من فيلم إلى ديجيتال سينما فوتوغرافي عمل تبديلات جذرية في صناعة الصورة، الفيلم السينمائي كان حيادياً، كنا نعرف تركيبته، كان من ثلاث ماركات، كوداك، ولونه تقريباً ذهبي على أصفر، وفوجي ألوانه باردة، وأكفا كيفرت ألوانه دافئة، وهو أكثر لون أحبه، لكن هذه الشركة لاقت مصاعب، وأفلست، فبقي هناك شركتان عملاقتان هما كوداك مع فوجي فيلم.

تصلّح الألوان في الفيلم السينمائي بفيلترات، إذن لا نستطيع أن ندخل في تركيب الصورة إلاّ إذا وضعنا فيلترات خلال التصوير،أما تركيبة كاميرات الديجيتال فتسمح أن نعمل تلوين، أصبح يوجد software نستطيع أن ندخل على الإعدادات ونعدل الصورة .

وكل هذا لم يكن موجوداً في الفيلم، ألحقت هذه المزايا بكاميرا ديجيتال سينماتوغرافي، فلحقت بهم شركات إضاءة، وحين ظهر إضاءة اللد أصبح هناك إمكانية أن يكون لدينا أكثر من نوع إضاءة في الوقت ذاته، وتغيير أزرار، وصار لدينا فلترات، فعملياً أصبح لدينا كاميرا معمل بصري متكامل، والإضاءة معمل ألوان متكامل، وهذا كله إلكتروني، لكن هذا الأمر زاد الصعوبات على مدراء التصوير القدماء، فمن لم يطوروا أنفسهم، أصبحوا يقعون في مشاكل، لأنه أصبح على المصور أن يضبط الأجهزة بشكلٍ دقيق جداً، ويعرف الألوان، وكيف يضبط أكثر من جهاز مع بعض، لكن ازدادت الإمكانات الإبداعية لهذه الأجهزة، وازدادت الأدوات، والخيارات وعدد الألوان والإمكانات الإبداعية في التصوير، وما يتبعه في المونتاج، والتلوين.


كنا في السابق، في الخدع السينمائية، نتعب كي تظهر التيترات، الآن في كبسة زر نستطيع أن نظهر أعقد الخدع السينمائية المتعارف عليها، للأسف، الوكلاء بشكل عام في بلادنا لا يحبون أن يصنعوا تسويق معرفي (تسويق معلومات)، يريدون تسويقاً يربحون منه نقوداً، لذلك أصبح هناك تشكيك بقدرة العاملين في الحقل السينمائي باستخدام التكنولوجيا الجديدة، لم يعلمهم أحد، وهذا الأمر لا يمكن تعلمه، لأنه في المعهد لا تستطيع أن تتعلم الإلكترونيات، وكيف تغير الألوان.

مدراء التصوير في مصر مثلاً كلهم كبار يفهمون أكثر من جميع العالم، لكن اليوم تغيير الأجهزة لم يعد أمراً سهلاً، إنهم يستخدمون الجهاز بنصف إمكانياته التقنية، وخاصة حين جاءت الكورونا خفّ السفر إلى خارج البلاد، فأصبح الأمر يتطلب من الجميع معرفة أكبر، بمعنى أن المعرفة لا تصنع منك مدير تصوير ممتاز، لكنها تسهّل لك حياتك.


كنت شريكاً للمخرج الراحل عمر أميرالاي في 5 أفلام وثائقية، منها ما قدم السيرة الذاتية لرئيسي الوزراء بناظير بوتو عام 1990، ورفيق الحريري عام 2000، وما بينهما فيلم "نور، وظلال" الذي كان بمناسبة مائة عام على ولادة السينما، وكان الفيلم تكريماً لـنزيه الشهبندر عام 1994...

ما هو الاختلاف _ كمدير تصوير _ بالرؤية، والأدوات، وأشياء أخرى بين الفيلم الوثائقي، والفيلم الروائي؟

حنا ورد : ليس هناك فرق بالمطلق في طريقة العمل بين الروائي، أو الوثائقي، والتلفزيوني، أو السينمائي، الإضاءة هي عنصر درامي، وعنصر جمالي، هناك أجواء نطبقها على فيلم وثائقي، وهناك أجواء نطبقها على فيلم روائي، المضمون الدرامي للفيلم بشكل عام، وللمشهد بشكل خاص هو الذي يدفعني إلى أن أصمم إضاءة بهذا الاتجاه، أو باتجاهٍ آخر.

حين عملنا مقابلات مع نساء في "بنازير بوتو"، مع سياسيات كبار مع أشخاص يعرفونها، كان عمر يريد أن يعملها لوحة، وهذا الاقتراح أعجبني جداً، ولم أجد أن هذه المقابلة تختلف عن مشهد درامي، وحين عملنا مع ذو الفقار علي بوتو في بيت العائلة كان يريد في التصوير حركة، فأحضرت كرسي عجزة لديه، وصورت عليه، وتحركت، وعملت إضاءة مهمة ربطتها مع الداخل، والخارج.

أعتقد أن عمر بالنسبة للوثائقي من أهم المخرجين الذين عملت معهم، إنه إنسان يحترم المجموعة احتراماً كبيراً، ويحب الصورة، ويحب من يعمل على الصورة، العلاقة بيننا كانت فوق الممتاز، لابد من وجود تجاذبات، لكن يبقى عمر موضوعي، ويفهم في الصنعة أكثر من غيره من أصدقائه بكثير، أحزن جداً لأنه ساعد غيره، ولم يستطع أن يصنع فيلمه الروائي الذي كان يرغب بعمله واسمه (القرامطة)، لقد كانت لديه رغبة كبيرة في إنجاز هذا الفيلم الروائي.

حين تشاهد فيلم "الحريري الرجل ذو النعال الذهبية"، إذا أخرجت شخصية الحريري والكاريزما الخاصة به، تقول إن هناك شيء درامي يحدث في الفيلم، وهذه هي طريقة عمر في العمل، عنده الأجواء مهمة جداً، ويفرّق بين ما هو إنارة، وما هو إضاءة، من خلال الجوّ الذي تصنعه بأدوات الإضاءة، فالجو الدرامي للقطة، أو للمشهد بأدوات الإضاءة هو الذي يساعد المتفرج على تقبل الفكرة التي يتحدث عنها من نُجري معه المقابلة.


وإذا لاحظت في المشاهد تختلف الإضاءة على الحريري، وهذا الأمر متعمد، وفي فيلم "بنازير بوتو: أيضاً تختلف الإضاءة من شخصية، إلى شخصية، فقبل التصوير يعطوني فكرة عن الشخصية، من هي، وماذا ستقول بشكل عام، وبأي اتجاه، فحين صورنا مع أم بنازير بوتو في بيت العائلة، كان التصوير خيالياً لوجود مكتبة من أكبر المكتبات التي رأيتها في حياتي، وتابعة لشخص واحد هو أبو بنازير بوتو في بيت العائلة في كراتشي.



أيضاً عملت مع مخرجين أجانب في أفلام وثائقية أخرى، "تغيير الاتجاه"، إخراج هيلين ويلنكسون انتاج BBC عام 1991، و"الاسلام _الحرب الداخلية"، إخراج شربل أوس آلي انتاج شركتيّ العربية، و TPI الأمريكية عام 2003 ...هل هناك اختلاف بأسلوب الانتاج بين العرب، والغرب؟

حنا ورد : الأسلوب الإنتاجي بين الأوروبيين، والأمريكان، وبيننا، أن كل واحد منهم يعمل عمله، ويحترمون طلباتك، يقولون لك إن طلبك محق لكنه خارج الميزانية، ولن نستطيع أن نؤمنه، ما رأيك أن نؤمن لك هذا الشيء هل يكفي؟ هذه قدرتنا، لا يقولون لك إن شاء الله سنصنع لك المستحيل، يقولون لك هذه هي إمكانياتنا، أو يؤمنون لك كل شيء حسب الاتفاق، وما يفعلونه صحيح، لأنهم يريدون أن يبيعوا الفيلم.

بينما عندنا يُباع الفيلم، ويشترى على أساس العلاقات الشخصية، لذلك، لا أحد يهتم بالجودة، رغم أنه لدينا مخرجون ممتازون، ومدراء تصوير، ومونتيرية كلها كوادر ممتازة، ولدينا معدات أكثر من أوروبا، وأمريكا، لكن ينقصنا المنتج، وينقصنا شخص يشتري الأعمال للمحطات التلفزيونية، يكون مهنياً، ويقدر جهود الآخرين ويضع سعر مناسب لهذا الجهد، فالمعادلة هكذا، من الممكن أن تشتري أي محطة أجنبية فيلم بعشرين ألف دولار لعرض مرة واحدة مثلاً، ويشترون فيلم آخر بمئة ألف، لأن هناك جودة فنية عالية، جودة سينمائية عالية، هذا الأمر مهم جداً، لذلك تراهم جميعاً يعملون بجودة، ثم مثلاً قسم ضبط الجودة يقول إن اللقطات سيئة بنسبة 20 بالمئة، يجتمعون بسرعة، ويقولون نستطيع عرضه، فيطلب المسؤول عن الشراء بخصم ثلاثين بالمئة، لأن قسم ضبط الجودة قالوا له إن هناك مشكلة في الجودة، ليس فقط في الجودة البصرية، بل الجودة الفكرية، والدرامية أيضاً، فلذلك الجميع يعمل بشكل صحيح، ليس لأنهم منضبطون، بل هناك قانون يطبق على الجميع، ويجبرهم أن يكونوا منضبطين.


بعد أن شاهد مدير التصوير البرتغالي إلزو روك _ وهو الذي شارك في العديد من الأفلام السورية _ فيلم "تراب الغرباء" للمخرج سمير ذكرى، والذي كنت فيه أنتَ مديراً للتصوير، ومصوراً، قال : لماذا تأتون بي، ولديكم هكذا مبدع ؟

"تراب الغرباء" الذي حصلت من خلاله على جائزة أفضل تصوير في مهرجان البحرين عام 2000، بالإضافة إلى جوائز أخرى في مهرجانيّ دمشق، والقاهرة السينمائيين ..

ما رأيك باستعانة المؤسسة العامة للسينما في سوريا بمدراء تصوير أجانب في أفلامها. وماذا تعني لك الجوائز ؟ وهل ترى أن مدير التصوير مظلوماً في بلادنا العربية؟

حنا ورد: سؤال أشكاليّ: وهو لبّ مستقبل المهنة، لا أعتقد أن هناك تعبير اسمه مدير تصوير أجنبي، مخرج أجنبي، مخرج وطني، ممثل ابن البلد، ممثل أجنبي، هذا التعبير غير موجود، يوجد في المهنة مدير تصوير مناسب للعمل، ومدير تصوير غير مناسب للعمل، برأييّ، قصة مدراء التصوير الأجانب جاءت على ما أظن بسبب خوفهم من عدم تحمل مدير التصوير المحلي زيادة أيام التصوير، دائماً يجعلون السبب في الإضاءة، ومدير التصوير.

ما عمله إلزو روك في فيلم "صندوق الدنيا" من الناحية التصويرية، والجماليات كان رائعاً جداً, أما من حيث تناسب هذه الجماليات مع موضوع الفيلم، وألوان الطبيعة التي صوّر فيها، برأييّ، كان سيئاً جداً، ومثل ما قلت لأسامة "إن إلزو عمل استعراض على حساب المخرج، والمنتج"، ولم يصنع فيلماً كما يريد المخرج أبداً، كان التصوير في وادٍ، والإخراج في ثلاثة أودية أخرى، كانا بعيدان جداً عن بعضهما للأسف الشديد، لم تنجح تجربة لمدير تصوير أجنبي إلا تجربة أردوغان أنجين في فيلم "أحلام المدينة"، والحق يقال، استطاع أن يصنع من إمكانات محدودة في الإضاءة أجواء للفيلم ساعدت في نجاحه، وللأسف، لم يذكره أحد.

لا يوجد مدير تصوير جيد، ومدير تصوير غير جيد، عبد القادر شربجي صنع فيلم "نجوم النهار" بشكل جيد، وأبدع أكثر ما يمكن مع هيثم حقي في مسلسلاته.

نعم، حق مدراء التصوير مهدور، وبشكل عام، لا يوجد مخرج ذكر اسم مدير تصوير عمل معه، وكأنّ مدراء التصوير أعداءهم، لا توجد أصول مهنة.

انظر الآن في المؤسسة جاء أربعة عشر شخصاً درسوا في يريفان، وليننغراد، ولم يعمل منهم سوى اثنان، أو ثلاثة فقط، والبقية كلهم سافروا، وضعوا من لا يملك شهادة اختصاصية كمدير تصوير، فكيف أستطيع أن أعمل كمصور إن كنت لا أفهم في الصورة السينمائية.

يجب أن تكون العلاقة بين المخرج، ومدير التصوير اليوم أقوى من علاقة العاشق، والمعشوق، أيضاً علاقة مدير التصوير مع مهندس الديكور يجب أن تكون مثل علاقة العاشق، والمعشوق، وكذلك علاقته مع الفنيين الكثر، ومساعدي التصوير، وعلاقة المخرج مع الممثلين أيضاً يجب أن تكون عاشق، ومعشوق، أن لم يكن الحب موجوداً لن تكون هناك سينما.


لقد حضرت مسلسلات ألمانية، وهم يقومون بالتصوير معهم Storyboard دقيقة لجميع اللقطات، طبعاً هم يغيرون، ولا يعملون كل شي كما هو مئة بالمئة، لكن المقصود، الجميع يعمل بدقة، لا أحد يناقش، ولا أحد يشاجر، لأنهم قد يجرون اختبارات سابقة، وتجارب، ويفهمون على بعضهم بسرعة، لذلك أقول دائماً إن مرحلة التحضير مهمة جداً.

أما بالنسبة للجوائز، لها شقان، الشق الأول لطيف، تسعد لأنك أخدت جائزة، وأصبح هناك اعتراف بجهدك، أما شخصياً، أفضل أن تكون الجائزة حضور أكبر عدد من المشاهدين، حين يشاهد المشاهد أفلامي، ويخبرني بأنها أعجبته، هذا بالنسبة لدي هو أكبر جائزة، طبعاً حين تأخذ الجائزة أمرٌ ممتع جداً، لكنها ليست الأساس.

عندما نستعرض مسيرة حنا ورد الطويلة، لابدّ أن نتوقف عند تجربة هامة، وهي فيلم الصور المتحركة "حكاية مسمارية" إخراج موفق قات عام 1993 ..

حدثنا عن هذه التجربة، وما هو دور مدير التصوير في هذا النوع من الأفلام؟


حنا ورد : بالنسبة لأفلام الصور المتحركة العادية، لا توجد فيها مشكلة أبداً، عبارة عن إزالة سلايد، ووضع سلايد آخر، بمعنى أنك تحتاج لإضاءة الفيلم لضوء من كل جانب و انتهى الأمر.

أما في فيلم "حكاية مسمارية" فالأمور تختلف، فهنا لدينا حركة ثلاثية الأبعاد 3D ، لدينا مسامير تتحرك على الزجاج، وليس مجرد سيلولويت، نزيل مسماراً، ونضع مكانه مسماراً آخر، آخذت معنا الإضاءة وقتاً، عمل صعب جداً، لأن الإضاءة من الزاوية، ولا نريد أن ينعكس لمعانها على الزجاج، وينكشف أن هناك زجاج، كانت تجربة جميلة جداً مع موفق قات الفنان، للأسف أنه لم يستمر، ربما كانت ظروفه في كندا غير مناسبة، لم يستمر في الأنيميشن، لكنه عمل عملاً مهماً في الأنيمشن في سوريا.



لدى مشاهدتي لأفلام:"شمس صغيرة" إخراج الفوز طنجور عام 2007 "حكاية كل يوم" إخراج نضال حسن عام 2007 "حياة عادية"، إخراج بيان طربيه عام 2008

وهي كلها أفلاماً قصيرة، أدرت تصويرها، وكانت من انتاج المؤسسة العامة للسينما بدمشق، لاحظت في كل فيلم صورة مختلفة، وهو ما يعكس تناغم الإضاءة، والتكوين مع واقع الفيلم ..

إلى أيّ مدى يعتبر مدير التصوير مطالباً بتحقيق هذه المعادلة، دون أن يطغى جمال الصورة على رؤية المخرج لفيلمه؟

الأستاذ ليونيد كاسماتوف الذي درّسنا كان من أهم مدراء التصوير السوفييت في الاتحاد السوفييتي، كان ينبهنا دائماً أن يكون حلّ التصوير متجانساً مع الحلول الإخراجية للمخرج، وأن يتناغم بشكل مطلق معه، كان يقول لنا: إذا وجدت أن المخرج ضعيف، لا توّقع العقد، ولا تقبل أن تعمل معه، أفضل من أن تجامله، إن جاملته ستفشلان معاً، وهذا الكلام صحيح جداً.

كل مخرج من الثلاثة له الرؤية الخاصة به، وفلسفته، وطريقته الإخراجية، قرأت السيناريو وتحدثنا، ورأينا المكان، فاخترت الطريقة المناسبة، وكلهم قالوا الطريقة مناسبة درامياً، وهنا أودّ أن أقول شيئاً مهماً جداً، حين شاهدت فيلم "خارج التغطية"، وجدت أن هناك تشويه متعمد من قبل مدير التصوير لشخصية مديرة المدرسة التي أدتها المرحومة فدوى سليمان.


لذلك خفت من الممثلة في فيلم "حكاية كل يوم" مع الصديق نضال حسن، فحين صورتها بعض الصور الفوتوغرافية، وأخذت لها لقطة، وهي قادمة، فوجئت بجمال وجهها، وحين رأيت المواد حين صورنا سينما، وهي قادمة، وتنظر إلى الأعلى، فوجئت أيضاً بسحر وجهها، فبقيت صامتاً، وبعد ثلاثة أيام ذهبنا، وصورنا بالشقة الأخرى التي تكون فيها مع فارس الحلو، على اعتبار أنها في مكان آخر، فوجئت حين وضعت عليها إنارة شاعرية يتحملها المشهد، كيف كان جمال وجهها جميلاً للغاية، هل رأيت كيف يلعب مدير التصوير، فـ إلزو مثلاً في فيلم "خارج التغطية" ارتكب جريمة في الفيلم، فقد أظهر مديرة المدرسة مشوّهة، هل هذا ما كان يريده المخرج، لا أدري ! فمدير التصوير يجب أن يكون عين المخرج كما قال آيزنشتاين، ويجب أن يكون مرآة المخرج في عكس الأجواء الدرامية للفيلم التي تتناسب مع موضوع السيناريو، ورؤية المخرج.

في فيلم "أنفلونزا"، وهو فيلم قصير من انتاج، واخراج رياض مقدسي عام 2010، لمست تنافساً حقيقياً بين كل لقطة، وأخرى وكأنّ كل واحدة تصنف نفسها الأجمل إلى أن تأتي الثانية لتسقطها عن عرشها.

ماهي التقنيات التي استخدمتها في هذا الفيلم؟

حنا ورد : لا أتفق معك حين قلت كان هناك تنافس، بالعكس، هذه تجربة أولى للمخرج، وكنت أساعده ليخرج بأفضل صورة، وإذا شاهدت الفيلم مرة أخرى، ترى أن هناك شيء تمّ العمل عليه بشكل مختلف.

فيلم انفلونزا هو التجربة الإخراجية الثانية للمخرج جهاد مقدسي، وهنا لأول مرة في الشرق الأوسط نستخدم كاميرا 2K Arri Alexa ، وصورتها رائعة، لأن من صنّعها هو المصمم الرئيسي الذي كان في شركة آري، لقد تعرضنا إلى مشكلات مرعبة في الطقس، كان هناك تناوب في ظهور الغيوم، والشمس، فاستخدمت ضوءاً كنت أضيئه كلما غابت الشمس، فلم ينتبه أحد إلى الأمر، على العكس، كنت دقيقاً، وحريصاً جداً على أن أظهر أجواء بسيطة، وإن أعجبتك جداً ألوان الضباب، فهذا متعمد المبالغة بتاءً على طلب المخرج _كوميديا سوداء_ فيما تبقى من المشاهد، حاولت أن أكون متوافقاً مع المخرج بشكل تام.



يقودنا الحديث عن التقنيات إلى تساؤل مهم حول لقب مخرج، أو مدير التصوير، وهو رُبما اليوم بات سهلاً مع توفر التقنيات العالية من كاميرات، و معدات إضاءة، ودورات شبه مجانية، ودبلومات مهنية نحصل عليها بيومين، أو أكثر قليلاً ..

ما هو موقف الخبير الأكاديمي حنا ورد من استسهال المهنة لدى البعض؟

حنا ورد : للأسف، هذا الاستسهال قديم ظهر في الثمانينات حين بدأنا نفكر في أن نشتغل دراما تلفزيونية، في التلفزيون بطريقة مقابلة بضوء واحد.


منذ العام 2000 وأنت تواظب على إعطاء الدورات التدريبية بالتعاون مع عدد من الشركات العالمية المصنعة للمعدات التلفزيونية، والسينمائية في دول عديدة، سواء بشكل مستقل، أو بالتعاون مع خبراء في مجال التصوير كتلك الدورة التي قدمتها عام 2010 في مركز التدريب الإذاعي، والتلفزيوني بدمشق مع الخبير العالمي الألماني ديدو ويغيريت، ومدير التصوير البريطاني جوناثان هاريس ..

ماهي النصائح التي تقدمها لطلابك بعيداً عن قواعد التصوير؟

حنا ورد : تعلموا، تعلموا، ثمّ تعلموا حتى الآن أنا لا أزال أتعلم، البارحة قبل المحاضرة اتصلت بخبير بشركة من الشركات، وقلت له: اشرح لي ما معنى الكلمة تقنياً، قال لي: أنت تعرفه، قلت له: أريد التأكد منه، عدم المعرفة ليس عيباً، لكن، أن تنقل معلومات خاطئة، هذا الأمر لا أخلاقي، اليوم، لا أحد يستطيع أن يعلم شخصاً آخر كيف يُركّب الإضاءة، يسألوني: كيف نرّكب إضاءة ما، هذا الكلام! لوكان هناك مخططات لوضع الإضاءة، يجب أن يجلس مدراء الإضاءة في بيوتهم، إذن يجب أن نتعلم، لا أنسى كيف أمضيت ثلاثة أشهر، وأنا أصور رأس لتمثال من الجبس الأبيض، وهذا الذي علمني الإضاءة.


خلال كلّ هذه المسيرة الغنية بالأعمال السينمائية بمختلف أنواعها، والمسلسلات، والأفلام التلفزيونية، وحصد الجوائز في عديد المهرجانات، وتعاملك مع مخرجين مختلفين عمرياً، ومهنياً ...

هل من شروط تفرضها اليوم للعمل مع مخرج مبتدئ ويمتلك مشروعاً سينمائياً؟

حنا ورد: أتحمّل سذاجة بعض الطلاب، وأسئلتهم، فإذا كان المخرج متحمس، وأفكاره جميلة، ولديه رغبة في أن يعمل شيئاً ما، أهتم به جيداً، لا يوجد لدي مخرج جيد ومخرج قديم, إنني أتعامل مع الجميع باحترام شديد، وأصحاب الذوق يفهمونني جيداً.

لماذا أطلب من طلابي أن يدرسوا، وأقول لهم: أنا أعلمكم كيف ترون الضوء، وأعلمكم كيف تتخيلون المشهد، وتترجمون الكلام الدرامي إلى أجواء إضاءة، لا أستطيع أن أعلمكم كيف تركبون إضاءة، لم يعلمني أحد كيف أركب إضاءة، كانوا يعطونا تمارين لكي نتعلم، انتقادهم لنا هو من صنعنا.

هل أنت راضٍ عن كلّ ما قدمته في مسيرتك المهنية؟

حنا ورد: عن الرضا، أنا راضِ، لكن، على النتائج التي لديّ نسخ منها، كان من الممكن أن أفعل أكثر لو أعطيت لي فرص، والسبب من بعد الـ2000 أسباب إدارية، ومزاجية، وليس لأسباب فنية, ربما أتحدث عنها لاحقاً.








٦٨ مشاهدةتعليق واحد (١)

أحدث منشورات

عرض الكل

1 Comment


salahsermini
salahsermini
Jan 20, 2023

تمت المطالعة

Like