فيلم كـــــالا سيكودراما من بوليود

بقلم: جمال الدين بوزيان
بدأ عرض فيلم كالا أول مرة على منصة نتفليكس في الفاتح من شهر ديسمبر 2022 الماضي، وهي المنصة المسؤولة عن توزيع وعرض الفيلم، وبالتالي فقد كانت قرصنة الفيلم سريعة جداً، ولم يحقق الإيرادات المنتظرة منه، كما أنه فيلمٌ متواضع الميزانية، ولم يعتمد على نجوم الصف الأول، ولم يحتج لتقنيات كثيرة متطورة، كان الرهان الأكبر لنجاحه على طبيعة قصته، التي تعرض من المشاكل والأمراض النفسية الشيء الكثير.
يعرض الفيلم تطور شخصية البطلة وانتقالها من مستويات لأخرى، ويعود بنا للوراء، للغوص في ذكريات طفولتها ومراهقتها، لمعرفة الخلفية النفسية، وطبيعة التنشئة الاجتماعية السيئة التي سببت لها الاضطراب الذي أصابها، وجعلها تعاني، ويعاني معها محيطها أيضاً.
والمعروف أن السينما الهندية تقدس الأم والأرض والدين، لكن مؤخراً، سواء مع هذا الفيلم، أو أفلام أخرى، تغيرت بعض هذه الثوابت السينمائية الهندية، فالأم في هذا الفيلم، كما في فيلم سابق للنجمة كاجول مع نتفليكس، هي سبب اضطراب ابنتها، والأم نفسها تعاني من شخصية مهزوزة، وهو الواقع الذي كانت بوليوود وسينمات الهند عموماً تتفادى طرحه، حفاظاً على قداسة صورة الأم.
بطلة الفيلم تريبتي ديمري، ممثلة جديدة، درست علم النفس في الجامعة، بدأت سنة 2017، ملامحها شمالية، وكذلك الممثلة التي لعبت دور والدتها، الفنانة البنغالية شواستيكا موخرجي، بملامحها الكشميرية الشمالية، كانت مناسبة جداً للدور، حيث تدور أحداث الفيلم خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، في مدينة هندية شمالية تكسوها الثلوج غالب الوقت.
شارك في بطولة الفيلم ولأول مرة، بابل خان، ابن النجم الهندي الراحل عرفان خان، وكان موفقاً لحد بعيد في دوره الأول، ويجب عليه أن يبحث حالياً عن دور بطولي آخر أكبر مساحةً وأكثر تأثيراً، ليكون له نفس مستقبل والده، الذي وقف على عتبات العالمية، لأن بابل خان، لو استمر في قبول أدوار بطولة الصف الثاني، سوف يبقى محصوراً فيها طيلة مشواره السينمائي، وهو التقليد البوليوودي المعروف.
الفيلم مثل أغلب أفلام المخرجة أنفيتا دوت غوبتا، نسائي بامتياز، يطرح قضية نسائية، ويلوم المجتمع الذكوري، ولا يستثني لوم المرأة عن مأساتها نفسها، وشخصية الأم في الفيلم، هي رمز لتفكير سائد لدى الأغلبية، حسب ما تراه كاتبة القصة (هي نفسها المخرجة)، وهو أن المرأة لكي تنجح في مجالات معينة، يجب عليها ان تكون جارية أو محظية، لأن المجتمع أو الوسط الذي تطمح لدخوله، هو من يفرض عليها ذلك، وفعلاً، تؤكد قصة الفيلم، أن لعب دور المحظية، هو السبيل للنجاح في الفن خلال تلك الحقبة الزمنية.

بطلة الفيلم هي ضحية علاقتها المعقدة بوالدتها غير المستقرة نفسياً، وفيما بعد أصبحت ضحية استغلال جنسي للمجتمع الذكوري لها، كثمن لتحقيق طموحها، ونجاحها في مجال الغناء، وللأسف هو نجاح لم يعوضها أبداً عن طفولتها الضائعة، ولا عن كرامتها المفقودة عند الكبر.
للموسيقى دور كبير في الفيلم، فالأجواء النفسية التي أخذتنا لها كاتبة ومخرجة الفيلم، تحتاج خلفية موسيقية مناسبة لهذا العمل السيكودرامي، كما أن الأغاني القليلة التي احتوى عليها الفيلم، كان وجودها منطقيا جداً، بحكم أن القصة تتمحور حول قصة حياة مغنية شابة، تسجل أغانيها في الاستوديو، وتغني في الحفلات والمسارح.
هناك ظهور شرفي للنجمة أنوشكا شارما، في إحدى أغاني الفيلم، وهي منتجة الفيلم مع أخيها، عبر شركتهما.Clean Slate Filmz.
أفلام الدراما النفسية الهندية، أحياناً تنجح، والأمثلة كثيرة، مثل: طالاش،Hate Story، سلسلة أفلام Murder، Raaz.
لكن هذا الفيلم، رغم أنه إضافة فنية جميلة لبطلته وللمخرجة، إلا أنه لم يحقق إيردات مادية كبيرة، ولم ينتشر جماهيرياً كما يجب.
المقال نشر بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5485
تمت القراءة