كانغانا راينوت المتمردة صاحبة الأدوار المركبة

بقلم: جمال الدين بوزيان
أصبح المتابعون لبوليود حالياً، يعلمون جيداً، أن الممثلة الهندية كانغانا راينوت، هي أكثر شخصية سينمائية مثيرة للجدل دائما، بتصريحاتها الجريئة، والمستفزة لزملائها، ولجمهورها، وللأقليات الدينية والعرقية في الهند، وذلك بتدخلها في الشؤون السياسية والقضايا الدينية في الهند وحتى في العالم، مثل تصريحاتها سابقاً عن القضية الفلسطينية، وعن منع الحجاب بإحدى المقاطعات الهندية، حيث دخلت في جدال على السوشيل ميديا مع الممثلة المخضرمة شعبانة عزمي، ومن قبل مع ممثل باكستاني حول فلسطين.
في الكثير من أفلامها، تلعب في الغالب أدواراً مركبة، وتمثل شخصيات نسائية تتغير وتتطور مع سير قصة الفيلم، هي من الممثلات اللواتي لا تنحصرن في نوعية أدوار معينة، ومسيرتها المهنية لا تتسم بالنمطية أبداً.
من أفلامها الأولى، كانت لديها سنة 2007، بطولة جماعية في فيلم Life in a Mtero، حيث لعبت دور موظفة في شركة كبيرة، لديها تطلعات أكبر منها، تدخل في علاقة جسدية مع مديرها، وترفض حب زميلها الموظف البسيط، في الجزء الأخير من الفيلم، تتغير الشخصية بعد ترك عشيقها لها، وبعد شعورها بالظلم والقهر والاستغلال، ربما هو من الناحية النفسية ليس تغيراً جذرياً في الشخصية، بقدر ما هو تغير في طريقة معاملة زميلها وتغيير سلوكها نحوه، كنوع من الملاذ وإنقاذ الذات.
بعدها بعام واحد، سنة 2008 جاء الفيلم الأيقونة، الذي غير مصيرها ومسارها المهنيين، ومصير ومسار زميلتها بريانكا شوبرا، فيلم Fashion، المصنف ضمن أفضل الأفلام التي تحدثت عن عالم الموضة وطرحت القضايا الخفية وراء كواليسه.
في أول الفيلم، نراها في شخصية عارضة الأزياء الرئيسية، المتعجرفة، المترفة، التي تتعامل بتعالي مع الإعلام ومع زميلاتها، تتعامل وكأنها الإوزة التي تبيض ذهبا لوكالات الموضة وشركات مستحضرات التجميل، ثم تختفي قليلا عن كثير من المشاهد خلال الفيلم، بعد أن مرت بفترات فشل على المستوى المهني، والشخصي، واستبدالها بعارضة رئيسية أخرى، ودخولها في مشاكل مع رفيقها، وتعرضها للتعنيف والضرب من طرفه، وضغط الصحافة عليها وانتقادها لها.
تختفي شخصية شونالي (كانغانا راينوت) لفترة في الفيلم، ثم تعود لتظهر بشكل مختلف تماماً ومقنع لدرجة التعاطف معها والبكاء عليها، حيث يتم اكتشافها مشردة في الطريق، تعيش حياة الإدمان والفقر، بعد أن خسرت كل شيء.
تتكفل بها بطلة الفيلم (بريانكا شوبرا) وتحاول علاجها وإخراجها من حالة الإدمان التي غرقت فيها، لنرى شونالي مختلفة تماما ًعن العارضة المتعجرفة التي كانت في بداية الفيلم.
الفيلم ككل، بكل من فيه وما فيه، ترك بصمة كبيرة لدى الجمهور وصناع السينما في بوليوود، ونجح على كل المستويات المادية والنقدية، والجماهيرية.
سنة 2011، شاركت كانغانا في بطولة فيلم ناجح يتكون من جزئين، عنوانه: Tanu Weds Manu، تطورت وتغيرت فيها شخصيتها، خاصة في الجزء الثاني حيث لعبت دورين، دور تانو، و شبيهتها، وكلتاهما، تمران بمراحل وفترات تناقض وتغير خلال الجزء الثاني من الفيلم (سنة 2015)، ربما المشاهد الذي لن يركز جيداً مع الفيلم، قد يتعبه هذا التغير والتناقض.
أما سنة 2013، فقد لعبت كانغانا راينوت دور بطولة مساعدة بجانب هيريتيك روشان، في الجزء الثالث من فيلم Krish، وكانت في بداية الفيلم مع الجانب الشرير والمعادي للبطل الخارق كريش، لكن بعدها تقع في حبه، وتغير موقفها اتجاهه واتجاه مجموعتها السابقة، وكانت مقنعة في دورها، حيث أن ملامحها تساعدها على الانتقال بسرعة من دور الشمطاء القاسية إلى دور الحبيبة البريئة الناعمة.
فيلم آخر، أيقوني، تم إنتاجه في نفس السنة (2013)، ساهم كثيرا في صعود كانغانا إلى صف النجمات الأوائل في بوليوود، هو فيلم Queen، المصنف في فرنسا مع أفضل الأفلام التي تروج للسياحة في فرنسا، حيث تم تصويره بين الهند وفرنسا ودول أوروبية أخرى، تنتقل فيه شخصية راني الفتاة الهندية التقليدية الخجولة والخاضعة لخطيبها ولمجتمعها، عبر عدة مستويات، منذ بداية خطوبتها، مروراً بمغادرتها لمنزلها، ووصولها لأوروبا، وانتقالها بين الدول هناك، وتعرفها على عدد من الأصدقاء.
في الأخير عادت راني إلى منزلها بالهند شخصية أخرى مختلفة تماماً شكلاً ومضموناً، بطريقة مقنعة جداً، كان الفيلم ناجحاً جداً.
برزت أيضا كانغانا جدا في فيلم Rangoon سنة 2017، رغم عدم نجاحه الكبير مادياً، لكنه نال إعجاب الجمهور والنقاد، وشخصيتها في الفيلم تجعل المشاهد حائراً بين كرهها أو التعاطف معها، لعبت دور ممثلة مسرح استعراضي، ترفه عن الجنود البريطانيين خلال سنوات الاحتلال البريطاني للهند، تمر شخصية الراقصة جوليا في هذا الفيلم بعدة مستويات وتغيرات، سواء فيما يخص اضطراب مشاعرها اتجاه خطيبها الخائن وبين حبيبها الجديد الجندي المعادي للبريطانيين، وكذلك هناك تغير في موقفها الوطني والسياسي اتجاه قضية بلدها وشعبها، وتحولها من مجرد راقصة لدى الإنجليز، إلى فدائية تساعد على تهريب سيف هندي مقدس، لتوحيد الهنود ضد المستعمر.
في نفس السنة أيضاً، شاركت كانغانا في بطولة فيلم سيمران، عن قصة لفتاة من عائلة مفككة، تتعلم القمار والسرقة عبر التنكر وتغيير شكلها في كل مرة، تجبرها عائلتها على الخطوبة من رجل اختارته بطريقة تقليدية، بينما هي متورطة مع شخص آخر، شخصية كانغانا في الفيلم متعبة ومستفزة، غير مستقرة، سواء مع نفسها، أو في علاقتها مع عائلتها ووالدها خاصة.
بصفة عامة، يمكن القول، أن كانغانا ناجحة في تقمص الشخصيات والأدوار التي يتعب الكاتب في صنعها وبنائها، ويمنح لها أبعاداً كثيرة، ومراحل متناقضة من التغير والتطور.
المقال نشر بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5383
تمت القراءة