فيلم شاكونتالا ديفي العبقرية، الأمومة، وأشياء أخرى
بقلم: جمال الدين بوزيان
تلعب النجمة الهندية فيديا بالان في هذا الفيلم المنتج سنة 2020، دورا يبدو للوهلة الأولى، ومن صور الأفيش الرسمي، أو بقية الصور على النت، شبيهاً بدورها في فيلمها المعروف "بوبي جاسوس" المنتج سنة 2014، حيث تتقمص عدة شخصيات وتقوم بالتنكر في أشكال مختلفة.
والدوران فعلاً بينهما تشابه، في هذه النقطة فقط، تعدد اللباس وتناقضه الظاهر، وتعدد الشخصيات حسب الفساتين المصممة للشخصية، لكن فيلم شاكونتالا يصنف ضمن أفلام السيرة الذاتية، ومستوحى من قصة حقيقية، عن العالمة الهندية شاكونتالا ديفي، المعروفة بإسم "الكمبيوتر البشري"، وهي عالمة رياضيات وظاهرة نادرة في الحسابات الذهنية، ومحطمة للأرقام القياسية في الحساب الذهني العالمي، لديها مؤلفات في هذا المجال، وفي مجالات أخرى، مثل الروايات، وكتب الفلك والتنجيم والألغاز.
سبب ظهور بطلة الفيلم بألبسة وفساتين مختلفة ومتنوعة، يعود للقصة نفسها، حيث تمر البطلة منذ طفولتها لغاية شيخوختها، بعدة مراحل، تتغير فيها من حيث المستوى الاجتماعي والمادي والتطور النفسي، ومع كل هذه التغيرات، تتغير طريقة لباسها وأذواقها في الموضة، لذلك، هو تطور طبيعي جدا للشخصية حسب قصة حياتها التي تظهر في الفيلم، والتي تبدأ في طفولتها في الثلاثينيات من القرن الماضي لغاية بداية الألفية الجديدة.
الفيلم تم إنجازه بموافقة شخصية لإبنة العالمة المتوفاة سنة 2013، وهو باختصار، فيلم عن الأمومة المجروحة والأبوة المعطوبة، التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وآثارها التي تنتقل للأبناء حتى لو كانوا من العباقرة مثل بطلة الفيلم، والتي تقوم بتوريث جراح تنشئتها المشوهة لابنتها، وهو موضوع أثاره فيلم النجمة كاجول المعنون بـ Tribhanga، المنتج سنة 2021.
لكن فيلم فيديا بالان هذا، يغوص في أغوار شخصية هندية حقيقية، تعتبر رمزاً وفخراً لبلدها، لكنه يخوض أيضاً في تفاصيل حياتها الشخصية السلبية، ويسلط الضوء على الجانب المزعج والمظلم لحياة الأم العاملة، أو بالأحرى، الأم العالمة، العبقرية، التي تسافر باستمرار، وتعيش حياة الشهرة و الندوات والملتقيات، على حساب حياتها العائلية.
وتماما، مثلما رأينا في فيلم الممثلة كاجول، الأم عالمة الرياضيات، شاكونتالا ديفي، هي ضحية أم فاشلة، وهي بدورها (البطلة) تجعل من ابنتها ضحية لها.
وهو أمر تعبر عنه بطلة الفيلم بعملية حسابية تقرأ على الجانبين بنفس الطريقة، في آخر مشاهدها مع ابنتها.
بالفيلم الكثير من الرياضيات والعمليات الحسابية والأرقام المتطايرة في الهواء، والحديث عن الفلك والتنجيم، ويتم سرد الأحداث بطريقة غير متسلسلة، فالزمن في السرد السينمائي بهذا الفيلم ليس تصاعدياً، بل تعود بنا المخرجة من حين لآخر لمراحل سابقة من حياة البطلة، ثم تعود بنا للوقت الحالي، وما تلبث أن تعود بالأحداث للماضي مرة أخرى، لكن بطريقة غير متعبة أو مزعجة للمشاهد، وكأن كاتب القصة أو مخرجة الفيلم، يعودان بنا لماضي البطلة، ليبررا لنا ما يحدث معها في الوقت الحالي.
في الفيلم أغاني قصيرة هادئة، استخدمت كخلفية موسيقية للأحداث، باسثتناء أغنية جينيريك النهاية، كانت عبارة عن استعراض جميل تقوم به فيديا بالان في قسم دراسي مع تلاميذ صغار.
تم إنتاج الفيلم من طرف شركة سوني، رفقة شركات أخرى مثل جينيوس، والتوزيع لشركة أمازون، أما القصة فمن تأليف إيشيتا مويترا، والسيناريو كتبته المخرجة نفسها أنو مينون رفقة Nayanika Mahtani، وتم عرض الفيلم مباشرة على منصات العرض الإلكتروني بسبب جائحة كورونا.
وبعد هذا الفيلم، تألقت الممثلة فيديا بالان مؤخراً في فيلم جلسة,ويبدو أن فيديا بالان أصبحت انتقائية في اختياراتها لمواضيع أفلامها، بغض النظر عن نجاحهم الجماهيري والمادي.
المقال نشر بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5289
Comments