top of page
Crystal Salt
مازن رفعت

ماهية السينما

ماهية السينما

كتب المؤلف والسيناريست مازن رفعت

كثٌرَ الجدل حول الفرق بين السينما التجارية والسينما الفنية، فريق يعتبر السينما الفنية - سينما الطبقة المخملية ، والفريق الآخر- يرى أن السينما التجارية للطبقات الأدنى " والأقل وعياً ، لكن هل نعتبر هذين الوصفين صحيحين؟! بالطبع لا ..

السينما هي السينما، لا تمثل طبقة اجتماعية محددة، هي للجمهور بكل طبقاته وطوائفه، السينما تمثل الإنسان، واللغط الدائر حول السينما الفنية والتجارية، هو مجرد تسفيه لهذا الفن، هل يعني هذا أنه لا توجد سينما تجارية ؟! إذا أجبت على هذا السؤال بالنفي، فسيكون هذا خداع وتضليل للحقيقة، لأن السينما التجارية تُعدّ واقعاً ملموساً، ولكن هل جمهورها من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة ؟

 لا .. فجمهورها من الطبقات كافة، وبالمثل مع نظيرتها الفنية إذن، ما الفرق بينهما ؟ّ!

حسنُ هناك مقاييس وأبجديات تسير عليها أي حكاية سينمائية، وهي بداية ووسط ونهاية، البداية في ظهور الأحداث ثم تطورها، إلى انتهاءها بحدث ما (نهاية سعيدة أو حزينة)! إذا شاهدنا أفلام رواد السينما الفنية أمثال: فلليني، وبيرغمان، وتاركوفيسكي، وأنجيلوبوليس، ستجدهم تمردوا على هذه الأبجديات، وقدموا حكاية لا تخضع لأي قيد أو شرط.

قد يصيبك الملل وأنت تشاهد أفلامهم، وربما يتحجّر رأسك، ويصيبك الإحباط ! وتنهض من بداية الفيلم وأنت تعتقد أن هؤلاء المخرجين مترفعين أو أنهم مجموعة من البلهاء الذين لا يعرفون ما يريدون قوله، والحقيقة عكس ذلك تماماً، فهدفهم ليس عقلك كما تظن، إنما قلبك، إنهم يسعون إلى الوصول إلى عقلك عبر قلبك، لذا كي تتابع أفلامهم عليك أن لا تفكر، وأن لا تعمل عقلك، كي تصل إلى شي ، أو تصطاد رسالة ما، فتعود إلى المنزل سعيداً بما غنمت من أفكار.

عليك فقط أن تستسلم للصورة، وتعيش كل مشهدٍ على حدى وكأنه فيلم مستقل، وستكتشف في النهاية أنك فهمت كل شيء عبر احساسك وقلبك لا من خلال عقلك .

ولكن هل يعني هذا أن الأفلام التي تلتزم بأبجديات الحكاية ليست فنية ؟! هل ثلاثية فلم (العراب) ، و(الخلاص من شاوشانغ) ، و(الراقص مع الذئاب) ، أفلام تجارية ؟! غير صحيح ..

السينما هي السينما كما ذكرنا آنفاً  سواء تقيدت بشروط الحكي أم تمردت عليها ، لا يمكننا أيضاً أن نعدّ نجاح أي فيلم في شباك التذاكر بأنه تجاري، وإلا اعتبرنا فيلم (الجوكر) و(العراب) تجاريين، أو ثلاثية فيلم (الماتريكس) تجاري، وهي بعيدة عن هذا الوصف، فالسينما لها مدارس ومناهج مختلفة، وكلها تصب في مجرى الفن.

إذن نعود للسؤال الذي افتتحنا به هذا المقال،ما هي السينما الفنية والسينما التجارية ؟

لقد قلنا أن السينما تمثل الإنسان، ماذا نعني بذلك ؟! أي أن السينما هي تجربة إنسانية، تاركوفيسكي أخرج فيلم (المرآة) الذي تحدث فيه عن طفولت ، وبيرغمان أخرج فيلم (بيرسونا أو الشخصية)؛ من حادثة حصلت معه في المشفى التي كان يرقد فيها ، عندما ارتبك من تشابه ممرضتين كانتا تعتنيان به، كيفن كوستنر أخرج فيلم (الراقص مع الذئاب) من رواية بنفس العنوان ، لأن الرواية لامست وجدانه وأحاسيسه، وأحب أن يشارك هذه المشاعر مع الجمهور .

كل هؤلاء المخرجين صنعوا أفلاماً تعبر عنهم ، تأثروا بها وأثروا على الجمهور والنقاد، هذا لا يعني أن الجميع أحب هذه الأفلام ، ولكن المخرج الذي يسعى لإرضاء الجمهور، ويجعلها أولوية، يصبح فيلمه عبارة عن سلعة للبيع، فيلم يستفز فقط أحاسيسك بين الضحك والبكاء والإثارة! لكن لا يلامسها، وقد يصل إلى استفزاز غرائزك دون تهذيبها أو تعريضها لصدمة.

خلاصة القول، كل فيلم صُنِعَ كسلعة هو فيلم تجاري ، ودون ذلك فهو فني بكل تأكيد .

 

 


٣٢ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments