فيلم Adipurush والهندوسية أراد تمجيدها فكانت سبب فشله
بقلم: جمال الدين بوزيان
يمكن اعتبار فيلم Adipurush هو أفضل مثال، عندما تحاول تمجيد وتكريم قضية معينة، فينقلب عليك أتباعها، وتكون هي سبب فشلك وتوقفك.
ما حدث لهذا الفيلم، كان خيبة أمل وفشلاً كبيراً لصناعه، فبعد أن كانت بدايته قويةً في شباك التذاكر عند عرضه في 16 يونيو 2023، وحقق إيرادات كبيرة ومبشرة بتصدره للبوكس أوفيس الهندي، تعالت أصوات الجماعات الهندوسية المعارضة لتفاصيل الفيلم، وطالبت بوقف عرضه نهائياً، لأنه حسب ما يرون، مسيىء لديانتهم، وتفاصيل قصته مخالفة للحقائق المعروفة في الديانة الهندوسية.
يتهم الهندوس هذا الفيلم بالإساءة لآلهتهم، وتحريف التراث الديني بحجة الضرورة الدرامية، ومتطلبات العمل السينمائي، وهو ما قام بتبريره صناع الفيلم مع تتر البداية، كتابةً وصوتاً، في أول الفيلم، نرى تصريحاً مباشراً وتبريراً واعتذراً، تجبناً لما كان يتوقعه فريق العمل، وبالفعل، ما حدث كان أقوى من أي تبرير واعتذار، فتم وأد نجاح الفيلم خلال أسبوعين من بداية عرضه، فتوقفت أرقام البوكس أوفيس عن الإرتفاع، وثبتت عند عدد معين، ففشل الفيلم في الوصول للأرباح المتوقعة منه، قبل بداية حملة المقاطعة ضده.
وبعيداً عن موضوع الهندوس وخلافهم مع مضمون الفيلم، من الناحية الفنية، لم يكن الفيلم موفقاً أبداً في تقنية الغرافيك ودمج المشاهد الحقيقية للممثلين مع مشاهد وصور الكمبيوتر والمناظر الإفتراضية، وهو عنصر جوهري جداً في الفيلم، وأساس الفيلم طيلة 3 ساعات، ولا يمكن التغاضي عن عدم التحكم في هذا الجانب في فيلم كل مشاهده تعتمد على المناظر الطبيعية الإفتراضية والقصور المنشئة بالغرافيك، والحيوانات الأسطورية الخيالية، رغم أن الهنود في أفلام أخرى، حاولوا الوصول بهذه التقنية لمستوى قريب من الموجود أوروبياً وهوليودياً، لكنهم في هذا الفيلم بالذات، كانوا غير موفقين، حتى لو نجح الفيلم مادياً في الصالات المحلية، ولم تتصدى له الجماعات الهندوسية، من المستحيل أن يجد القبول خارج الهند بتلك التقنيات الفاشلة، التي تجعله أقرب للرسوم المتحركة، أو لأفلام فترة زمنية سابقة، حيث كان من السهل على المشاهد أن يكتشف دمج وتركيب الصور والمشاهد مع بعضها، ويلاحظ ببساطة عدم تناسقها وانسجامها مع بعضها.
كمشاهد غير هندوسي، هذا هو الجانب السلبي الكبير والرئيسي في الفيلم، لأن تفاصيل الديانة الهندوسية وأساطيرها كثيرة جداً ومعقدة، وفيها الكثير من التفرعات والحكايات الجانبية، والعشرات من الآلهة، والبعض يقول أنهم بالمئات والآلاف، وأغلبهم تجليات وأفاتارات للآلهة الرئيسية الثلاث: براهما، فيشنو، شيفا.
أبطال الفيلم، هم نجم الجنوب برابهاس في دور الملك (الإله) راما، ومن بوليوود النجم سيف علي خان في دور الملك الشرير (الشيطان) رافانا، والنجمة الشابة كريتي سانون في دور الملكة (الإلهة) لاكشمي، مع مشاركة مميزة لنجم إقليم الماراتهي ديفداتا ناج، في دور الإله القرد هانومان.
ولدى ديفداتا ناج مشاركة أولى مع سيف علي خان والمخرج أوم روت، فقد اجتمع ثلاثتهم في الفيلم البوليوودي المحلمي "تانهاجي"، حيث كان سيف هو الشرير أيضاً، بينما ديفتاتا كان من بين الممثلين المساعدين.
سيف علي خان، معروف بإنتقاله بين أدوار البطل الطيب وبين لعب دور الشرير، بعد أن تعدى مرحلة الأفلام الرومانسية والأكشن التقليدي في التسعينات وبداية الألفية، عرفت أدواره تغيراً نوعياً موفقاً لحد بعيد، رغم عدم تصدره قائمة النجوم الذين يشعرونك بأن لديهم جيش من الأتباع، مثل شاروخان، سلمان خان، جونيور أن تي أر، راجينيكانت.
كريتي سانون، كانت مناسبة للدور، خاصةً من الناحية الشكلية، حيث كان شخصية الملكة جاناكي (لاكشمي)، تتطلب ممثلةً طويلة، نحيفة، وجميلة، وهو ما جعلها منسجمةً شكلاً وتمثيلاً مع بطل الفيلم برابهاس، وكان لباسها تقليدياً محتشماً، نظراً لخصوصية الدور، ومع ذلك اتهمت كريتي بالإساءة للإلهة لاكشمي.
حاول المخرج في هذا الفيلم المقتبس من الملحمة الشعرية الأسطورية "رامايانا"، التي ألفها الشاعر فالميكي، في القرن الثامن قبل الميلاد، صنع ملحمة سينمائية هندوسية ناجحة، تجمع بين الربح المادي والفني وتمجيد الهندوسية في نفس الوقت، فكانت النتيجة عكسيةً تماماً، وقاسيةً لصناع الفيلم، وهو ليس بالأمر الجديد في الوسط السينمائي الهندي، الذي يخسر دائماً في أي مواجهة مع الجماعات الهندوسية.
المقال نشر بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5657
留言