جوائز فيلم فير Filmfare Awards 2024 للسينما الجنوبية الهندية
بقلم: جمال الدين بوزيان
بدأ عرض الفيلم الهندي البوليوودي Afwaah (شائعة) في الخامس من شهر مايو 2023، تماما في نفس اليوم الذي صدر فيه فيلم "قصة ولاية كيرالا"، ومن المفارقات والصدف الملفتة فعلا، أن مضمون كلا الفيلمين متشابهٌ، مع اختلاف شديد في توجيه الفكرة العامة واختلاف أطرافها (الطيب-الشرير) أو (الضحية والجلاد)، حيث وفي حين ذهب فيلم "قصة ولاية كيرالا" إلى طرح قضية يقال بأنها واقعية، عن تهريب وتجنيد تنظيم داعش لفتيات هنديات واستغلالهن فيما يعرف بجهاد النكاح، نجد فيلم "أفواه" يسلط الضوء على استغلال السياسيين الهندوس لهذه الفكرة في حملتهم الإنتخابية، وتوظيفها لتسيير وتوجيه الغوغاء، وجلب أكبر قدر ممكن من استعطاف الأغلبية الهندوسية، ولو على حساب أرواح الناس، والترويج لأخبار كاذبة وشائعات تكون نتيجتها فتنة كبيرة وفوضى قاتلة.
المواطن الهندي المسلم في هذا الفيلم، هو ضحية لعبة سياسية، تعمل على التلاعب بالحقائق ونشر المعلومات الخاطئة بالقدر الذي يسمح للأحزاب المتحالفة بالإستفادة مما يحدث، الطائفة المسلمة بالفيلم، تجد نفسها عرضة لشائعة اختطاف أحد أفرادها لفتاة هندوسية، أو تهريبه لأبقار وجواميس وذبحها، حتى الجزار المسلم في الفيلم، لم يسلم من هذه الفتنة، حيث يقتل لأسباب أخرى بكل سهولة، مادامت التهمة جاهزة، وهي بيعه للحوم البقر.
الفيلم من بطولة نواز الدين صيديقي، سوميت فياس، و بهومي بيدنيكار، الإخراج لـ سودير ميشرا، المعروف في نهاية القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، بأفلام مثل: دارافي، كالكوتا ميل، شاميلي (الذي لعبت فيه كارينا كابور دورا مميزا وهي في بداياتها).
شارك المخرج في كتابة القصة أيضاً، رفقة كاتبين آخرين، أما الإنتاج فكان للسينمائي أنوبهاف سينها، الذي لديه في رصيده الكثير من الأفلام المعروفة، سواء كمخرج أو كمنتج.
احتوى الفيلم على أغنتين فقط، الأولى تم عرضها خلال المشاهد الأخيرة، وكانت عبارة عن استعراض مسرحي متناسق جداً مع أحداث القصة، التي تتطلب تواجد زوجة البطل خلال ذلك الحفل، بينما الأغنية الثانية عرضت خلال تتر النهاية.
أما عن بيئة الفيلم، فهي هندية محلية، بين قرى الهند ومدنها الصغيرة، التي بها الكثير من الفقر، والكثير أيضا من الغوغاء التي تشبه قطعان الغنم، التي تنساق وراء أي إشاعة تنتشر في الأنترنيت.
الفيلم هو بمثابة اتهام واضح للسياسيين باللعب على وتر الدين والطائفية، لاستغلال الجماهير وتوجيههم بغض النظر عن نتائج ما قد يحدث من فتن وإنقسامات، وبالفيلم أيضا، إشارة صريحة لغباء وجهل الغوغاء، التي تركز على تتبع الشائعات بحماس حيواني يجعلها تهمش واقعها المزري، وتصنف الإنتقام بسبب كذبة كأولوية قبل أي شيء.
ومن المفارقات أيضا، بين "فيلم" أفواه و "قصة ولاية كيرالا"، هي أن ميزانيتهما تقريبا نفسها (حوالي 20 كرور هندية لكل فيلم)، لكن الفرق في الإيرادات والأرباح شاسع جدا، حيث فشل أفواه في الوصول حتى إلى أرباح تعوض ميزانية إنتاجه، بينما الفيلم الآخر، حقق نجاحا ماديا كبيرا جدا، عدا عن الجدل الذي دار حوله كثيرا، قبل وبعد وخلال عرضه، لكنه جدال لم يؤثر على أرباح الفيلم، لأن الطائفة المحتجة والمعارضة للفيلم، ليست الأغلبية الهندوسية، هذه الأخيرة، التي يمكنها التسبب في الخسارة المادية لأي فيلم تعارضه، مهما كانت شهرة أبطاله وحجم شركة إنتاجه.
المقال نشر بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5622
Comments