بغياب 10 دول قدمت ترشيحاتها العام الماضي، إدراج 85 فيلماً ضمن القائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي.
دراسة للكاتب و الباحث الأميركي برينت دونهام
نشرت في 2 أكتوبر 2022
ترجمة : محمد زرزور
إن التشويق و الإثارة هي أحد أهم الأساليب التي يعتمدها بول توماس أندرسون في مونتاج أفلامه,و يستخدم كل العناصر الممكنة في الميزانسين لربط شخصياته وتعريفنا عليهم بأسرع وقت ممكن.
مونتاج الشخصيات والتشويق في Hard Eight
إن المونتاج التشويقي هو أمر يدفع القصة إلى الأمام، ونحصل على التشويق من خلال التلاعب بالوقت وتأخير حدث ما لا مفر منه.
ولكن ماذا لو كان بإمكانك المونتاج من أجل التشويق والشخصية في نفس الوقت؟ هذا هو بالضبط ما يفعله بول توماس أندرسون في فيلمه الأول Hard Eight.
ففي ذروة الفيلم، يتخذ سيدني (فيليب بيكر هول) قراراً حاسماً بقتل جيمي (صامويل إل جاكسون)، فيقتحم سيدني منزله، ويجد بنادقه، وينتظر عودة جيمي إلى المنزل.
بينما كان سيدني ينتظر في الظلام، ويحدق في الباب الأمامي، يقوم أندرسون بتقطيع ثلاثة مشاهد في مشهد واحد، من لحظة جلوسه حتى إطلاق أول طلقة، ننتظر أكثر من 3 دقائق، وهذا وقت طويل لخلق التوتر.
هناك أيضاً تباين بين كل مشهد، ينتظر سيدني بشدة، بينما يلعب جيمي القمار في الكازينو، ويتشارك جون وكليمنتين في رحلة هادئة وسلمية، هذا المزج بين المشاهد يخلق أيضاً نوعاً من التوتر.
حتى الآن، لدينا ترتيب مشهدي ذكي ومباشر لجميع عناصر التشويق، لكن أندرسون لا يتوقف عند هذا الحد، فقد تم إنشاء المشهد أيضاً مع وضع تطور الشخصية في الاعتبار.
هذا المشهد هو كل شيء عن سيدني وحالته الذهنية، جالساً على الكرسي، نحصل على لقطة بطيئة نحو سيدني، لأنه يفكر في القرار الذي هو على وشك اتخاذه، ويفكر في العواقب.
عندما نتحدث عن جيمي في الكازينو وجون وكليمنتين في السيارة، فإننا لا نراهم كما هم فعلاً، بل نراهم من خلال خيال سيدني.
يتخيل سيدني جيمي يضحك ويحتفل وهو يقامر بالأموال التي سرقها منه، كما أنه يتصور السلام والأمان اللذين يعيشاهما جون وكليمنتين مؤخراً.
كل هذا هو فقط في ذهن سيدني، ونحن مطلعون على أفكاره.
يتم مونتاج المشهد لخلق التشويق، لكنه يعطي الجمهور أيضاً نظرة تأملية حول شخصية سيدني والاختيار الصعب الذي هو على وشك القيام به، وهنا تكتمل معالم شخصية سيدني.
إن إضافة مجموعات مختلفة من المعاني إلى المشهد يعطي الفيلم جودة وعمق أكبر.
المونتاج في MAGNOLIA
إن MAGNOLIA فيلم جماعي، إنه نموذج من الشخصيات المرتبطة بالدم أو الظروف، وجميعهم يعيشون في نفس المدينة.
أو بعبارة أخرى، هناك ارتباط بينهم.
ولكن كيف تربط هذه الشخصيات بصرياً؟ ما هي تقنيات المونتاج التي يمكن استخدامها لإنشاء هذه العلاقات؟
بعد المقدمة، يعطينا أندرسون مشهداً يعرّفنا على كل من الشخصيات الرئيسية، والطريقة التي يربط بها الشخصيات هي من خلال مونتاج الصور والصوت.
إحدى الإستراتيجيات التي يستخدمها أندرسون هي من خلال الجماليات المرئية، والدافع هو عنصر يتكرر في مشهد أو فيلم. في هذه الحالة، لدينا جماليات بصرية تستخدم حركة الكاميرا وتكوين اللقطة والاكسسوارات.
أثناء المونتاج، تدخل الغرفة ثلاث مجموعات من الشخصيات، وتمشي بجوار الكاميرا.
إن زوايا الكاميرا والتأطير متطابقين تقريباً، فلذلك قبل أن نفهم بالضبط كيف ترتبط هذه الشخصيات، فإننا مدركون لهذه الروابط من خلال الصورة.
يشكل التلفزيون عنصراً مرئياً وقصصياً يربط هذه الشخصيات مع بعضها، فقد عملت العديد منها في التلفزيون أو ترتبط بمن عملوا، فمن المنطقي إذن أن يتم استخدام جهاز تلفزيون فعلياً عدة مرات في المشهد.
نقوم أيضاً بربط الشخصيات من خلال الصوت، مثل معظم أنواع المونتاج، حيث يتم تشغل أغنية حيز الصوت كاملاً، ويشبه المشهد مقطع فيديو موسيقي لأغنية المغنية الشهيرة إيمي مان "One Is The Loneliest Number."
لكن أندرسون يستخدم أيضاً صوتاً Diegetic للانتقال بين الشخصيات المختلفة، وهو الصوت الذي يأتي من المشهد الفعلي (على سبيل المثال ، عندما تستمع الشخصية إلى الموسيقى على الراديو).
في هذا المونتاج، يستخدم الصوت من البرامج التلفزيونية، حيث نشاهد فرانك تي جيه ماكاي ( توم كروز) وعندما ننتقل إلى الشخصية التالية، يستمر الصوت.
اللقطة التالية هي كلوديا (ميلورا والترز) في البار، ويمكننا أن نفترض أن الإعلان الإخباري يُعرض على التلفزيون هناك.
عندما تغادر كلوديا، يبث تلفزيون في غرفة النوم قصة إخبارية عن جيمي (فيليب بيكر هول)، فيستخدم اندرسون هذا الصوت من التلفزيون كتعليق بينما نقطع مقدمة جيمي.
وعندما يلتقي ستانلي (جيريمي بلاكمان)، نسمع صوت ماكاي الإعلاني مرة أخرى، حيث يقوم والد ستانلي (مايكل بوين) بكتم صوت التلفزيون، ولكن هنا تم الربط بالفعل.
يُستخدم المونتاج لتوصيل الكثير من المعلومات بكفاءة، ففي Magnolia نتعرف على شخصياتنا الرئيسية ونفهم ارتباطهم في أقل من سبع دقائق. وهذا هو السبب في أن Magnolia هو أحد أفضل أفلام بول توماس أندرسون.
و يبقى التخطيط لتنفيذ هذه الطريقة بالمونتاج هو الأساس لتهيئة كل التقنيات المتوفرة لخدمة ذلك لتحقيق أقصى قدر من السرد القصصي.
الصوت والموسيقى يولدان المشاعر في أفلام بول توماس أندرسون
ليس من الغريب أن يتمتع صانع الأفلام بقدرة عالية لإنجاز موسيقى تكمل المشهد السينمائي، و لكن ماتميز به باول توماس أندرسون هو جعل موسيقى أفلامه تشعرنا بأننا نتعايش مع الشخصيات والأحداث، فهو يؤمن أنه لنجاح فيلمك لابد من أن يكون هناك تعاون كبير مع الملحن الموسيقي للفيلم.
تصميم الصوت يولد القلق في PUNCH-DRUNK LOVE
تعتبر الموسيقى رائعة للتواصل وتعزيز مشاعر الشخصية، ولكن ما هي بعض المشاعر الأخرى التي يمكن أن تنقلها الموسيقى؟ كيف يمكن أن ينقل التصميم الصوتي القلق؟
في فيلمPunch-Drunk Love ، لدينا مثال رائع على ذلك، باري إيجان (آدم ساندلر) شخصية مغمورة بالقلق، وهو شديد التوتر، ونعرف ذلك من خلال لغة جسده وحواره وتصويره ومونتاجه. لكن تصميم الموسيقى والصوت هما سبب اكتمال هذه الفكرة.
وبالحديث عن تصميم الصوت، فإننا نحن وباري نتعرض باستمرار للهجوم بالصوت، ففي المشهد الأول يتعرض باري لحادث سيارة، يكون الصوت المؤدي إلى هذه اللحظة ضئيل ومحايد، ولكن فجأة تنقلب السيارة ويقترن العمل العنيف بدوي قوي من الصوت.
وفي وقت لاحق، عندما كان باري يفكر في أخذ الأرغن، يأتي كميون من العدم، مثل حادث السيارة السابق، فإن صوت الشاحنة يهاجم بشكل متساوٍ.
عندما يعزف باري على الأرغن للمرة الأولى نرى الهدوء والسلام على وجهه، وبالطبع يتوقف هذا على الفور عندما فتح لانس (لويس غوزمان) باب المستودع، ليغمر باري الضوء الساطع والصوت العالي للغاية.
مرة أخرى، يتطابق قلق الشخصية مع قلقنا، فمن خلال تصميم الصوت هذا، بدأنا في فهم ما يجب أن يكون عليه الحال بالنسبة لباري إيجان.
الموسيقى في Punch-Drunk Love
القلق يرافق الموسيقى
لقد صُممت بعض الموسيقى لتكوين القلق أيضاً، ففي وقت مبكر من الفيلم، هناك مشهد يحدث التوتر من خلال مطاردة سيارة عالية السرعة، لكنه يحدث في رأس باري، ويأتي من خلال الموسيقى.
في المشهد، يمر باري بيوم حافل للغاية، حيث يجتمع مع العملاء، وتتناوب أخواته على الاتصال به ومضايقته بشأن حضور حفلة في تلك الليلة، وفي وقت سابق من اليوم التقى بامرأة جميلة يتوقع أن تظهر مرة أخرى في أي دقيقة.
يخلق الملحن جون بريون صانع موسيقى فيلم أندرسون خلال هذا المشهد مجموعة من الفوضى، فما نسمعه هو موسيقى عشوائية وحادة وغير متجانسة وبعيدة من أن نتعرف عليها.
إنها مزيج عشوائي من القرع والضجيج والطبول وغيرها من الآلات الفردية، ووفقاً لبريون فإنه هناك أيضاً أصوات حذفت من الشريط الموسيقي.
يبدو الأمر كما لو أن شخصاً ما سجل مجموعة من الأطفال الصغار في متجر للموسيقى وهم بدأوا بتجريب الآلات الموسيقية بشكل متخبط.
لذلك من الضروري عندما ننفذ مشاريع سينمائية، أن نفكر في خلق شخصية تواجه عاطفة معينة، و نتخيل دائماً ما هي الموسيقى التي تخدم المشهد بشكل أفضل، وماهي الآلة التي ستحدث هذه الموسيقى.