جوائز فيلم فير Filmfare Awards 2024 للسينما الجنوبية الهندية
بقلم: جمال الدين بوزيان
مثل الكثير من أفلام سينما الكانادا، كانت ميزانية فيلم "كانتارا" صغيرة جداً، مقارنة بميزانية الإنتاجات الضخمة في بوليوود، أو كوليوود (التاميل) أو توليوود (التيلوغو) في الجنوب، لكن بالمقابل، حقق "كانتارا" إيرادات كبيرة جداً تقارب 450 كرور، مع ميزانية لا تتعدى 15 كرور، وتصدر قائمة أهم أفلام صندلوود (الكانادا) سنة 2022، كما نال الكثير من الجوائز المحلية السينمائية الهندية، أهم جوائز حفل SIIMA العام الماضي.
الدور الرئيسي في الفيلم، هو للمخرج نفسه، والذي كتب القصة أيضاً، نجم الكاندا السينمائي "بيشاب شيتي"، وهو الوحيد من فريق العمل المصنف مع نجوم الصف الأول في إقليمه، بقية الممثلين كلهم من أصحاب الأدوار المساعدة والثانوية، لكن صدر الفيلم مكتملاً من كل جوانبه، وتخطى مشكل الإبهار وجذب الجمهور بإشراك الممثلين أصحاب الرصيد الجماهيري الكبير، وهو ما تراهن عليه الكثير من أفلام بوليوود وكذلك كوليوود وتوليوود المنافستان حالياً لسينما مومباي.
أفلام الكانادا غير معروفة لدى الجمهور العربي، وغير مبهرة لبقية الجماهير غير الهندية وغير الجنوبية، ربما الوحيد في السنوات الأخيرة الذي نافس أفلام الهند كلها ووصل لصالات العرض العالمية ولفت له انتباهاً شديد، هو فيلم KGF بجزيئه الأول والثاني، حيث حقق الأول 250 كرور بميزانية 80 كرور سنة 2018، وحقق الثاني أكثر من 1200 كرور بميزانية لا تتعدى 100 كرور سنة 2022.
إحدى الأفكار المحورية لفيلم "كانتارا" وفيلم KGF تقريباً هي نفسها، مقاومة الظلم والإقطاع، والنهوض في وجه الاستبداد، إلا أن "كانتارا" رغم تضمنه الكثير من الأكشن، إلا أنه أكثر هدوءاً، وشخصياته عادية، من المجتمع الهندي الجنوبي البسيط، حتى صاحب الدور الرئيسي ليس بطلاً خارقاً، أو مصارعاً لا يهزم، بل هو قروي أقل من العادي، بكثير من السلبيات، مع شخصية قيادية شجاعة وبوهيمية لحد ما في نفس الوقت، البطل في فيلم "كانتارا" ينجح ويفشل، يقاوم ويسجن ويتم ضربه، يتمرد ويتم خداعه، ليس خارق الذكاء ولا القوة.
لكن ومع ذلك، فكرة التمسك بالأرض والدفاع عنها، والوقوف في وجه الظلم، يبدو أنها تنجح حتى مع بطل غير خارق، لو تم استخدام بقية التوابل السينمائية الهندية بذكاء، مثل الدين والتراث الهندي القديم المقدس، الأم وقداستها في كل الهند، الحب والعلاقات الرومانسية الهادئة، بعيداً عن المشاهد الحميمية الصادمة ومشاهد العري، الأغاني والاستعراضات، والتي تم توظيفها في إطارها المناسب، سواءاً كخلفية موسيقية للأحداث، أو دمجها خلال أحداث الفيلم ووجود ضرورة درامية مقنعة لها، كاستعراضات الطقوس الدينية الهندية وأغانيها.
البطل في سينمات الجنوب، وفي المالايالام والكاندا خاصةً، له خصوصية محلية جداً، ليس وسيماً بالمقاييس البوليوودية أو الهوليوودية، بإسثتناء فيلم KGF الذي لعب على وتر وسامة بطله "ياش"، أغلب أفلام موليوود وصندلوود لا تعتمدان على وسامة البطل أو جمال البطلة، ومع ذلك هي أفلام تجارية تلقى قبولاً وإقبالاً محلياً معتبراً، وأحياناً تتخطاه لمنافسة الأفلام الهندية الكبيرة في بقية الأقاليم السينمائية الشهيرة.
الملفت أيضاً في فيلم "كانتارا" وكثير من أفلام هذا الإقليم، هو كثرة المشاهد الليلية،التي تكون مشاهد رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها، كما أن الأجواء النهارية غير المشمسة تغلب على كثير من تلك المشاهد، ويبدو أيضاً أن صناع السينما في هذا الإقليم يميلون أكثر إلى القصص والأحداث المتعلقة بالقرى النائية والبيئة المحلية غير المتمدنة.
فكرة الفيلم الرئيسية، صراع أصحاب الأرض، سكان القرية النائية الفقيرة، ضد الإقطاعي سليل العائلة المالكة التي وهبت الأرض للسكان، وضد الإدارة المحلية وقانونها الملزم باستعادة الأرض للدولة، وتصنيفها كمحمية طبيعية، هي فكرة جدلية يمكن إسقاطها على كثير من القضايا القديمة والراهنة في الوطن العربي أو في العالم ككل، هي ليست منطبقة تماماً بكل تفاصيلها على القضية الفلسطينية مثلاً، أو بقية القضايا وثورات التحرر، لكنها تتقاطع معها في نقاط كثيرة، ربما أحسن مثال ينطبق على ما حدث ويحدث لأطفال فلسطين، هو ما قاله الإقطاعي في الفيلم قبل أن يقتل طفلاً قروياً: ((اقتل طفل اليوم، غداً سوف يكبر ويطالب بأرضه)).
لدى السينمائي "بيشاب شيتي" هذا العام، فصلٌ آخر من فيلم "كانتارا" يحمل عنوان Kantara: Chapter 1، لا يزال لم ينته من العمل عليه وتصويره، ويبدو أنه تكملة للقصة الأولى، أو على الأقل له علاقة ولو غير مباشرة بتفاصيل الفيلم الأول "كانتارا"، الفيلم القادم سيكون أيضاً كتابة وإخراج وبطولة "بيشاب شيتي"، لكن لم يتم الكشف عن بقية فريق العمل من الممثلين، رغم أن بعض مواقع النت، تتحدث عن الاستعانة بنجوم من الكانادا ومن أقاليم أخرى في هذا الفصل الجديد.
المقال تم نشره بجريدة الدستور العراقية/ العدد: 5787
Comments